Search
Close this search box.

أفضل حلول تخزين الطاقة ودورها في الأردن الأخضر – GEA

يتزامن التحوّل العالميّ نحو الطاقات المتجدّدة مع تغيُّر في المشهد الطاقيّ على المستوى العالميّ تمثَّل في آليات التشغيل المُتَّبعة، والتفكير في إيجاد استراتيجيات وطرق فعّالة فيما يخصّ تخزين الفائض من الطاقات المتجدّدة بالدرجة الأولى؛ بهدف تحقيق التوازن بين معدّل التوليد للطاقة ومعدل استهلاكها، ما يعني وفرة في الطاقة وحلولاً جذرية للمشكلات المناخية والمالية.

تقرأ في مقال اليوم عن أنظمة تخزين الطاقة، آلية عملها وأنواعها، وأهم استراتيجيات تخزين الطاقات المتجدّدة ودعمها للأهداف الخضراء، والخطوات الفعلية التي اتخذتها الأردن في هذا الشأن.

اقرأ أيضاً كيفية تخزين الطاقة المتجددة وأهميتها المستقبلية

أنظمة تخزين الطاقة

ليس صعباً عليك عزيزي القارئ فهم المعنى المقصود بأنظمة تخزين الطاقة، فهي تشتمل جميع أنواع الممارسات والتقنيات المُستخدمة في تخزين الطاقة المُنتجة والفائضة بالدرجة الأولى، بغرض إعادة إطلاقها عند الحاجة، وحل مشكلات الشبكة الكهربائية التي قد تحدث نتيجة عدم التوافق بين العرض والطلب على الكهرباء.

فوائد تخزين الطاقة

لا شك في أنّ تخزين الطاقة يحقق الموثوقية والأمان الطاقيّ الذي بات يهدّد الأفراد والدول على حدٍ سواء، نستعرض في هذه الفقرة أهم 5 فوائد مستقبلية يمكن تحقيقها من تطبيق أنظمة تخزين الطاقة:

1- تكامل شبكة الطاقة المتجدّدة، وتحقيق مفهوم توليد الطاقة الموزَّعة Distributed Generation المتمثل في مرونة أكبر في توزيع الطاقة وتخزينها.

2- رفع كفاءة الشبكة الكهربائية المركزية.

3- تقليل التكاليف التشغيلية الإجمالية للبنية التحتية للشبكة الكهربائية.

4- تقليل فواتير الكهرباء لمن يطبّق أنظمة تخزين الطاقة.

5- تحقيق الاستدامة البيئية وتقليل انبعاثات غازات الدفيئة نتيجة رفع كفاءة شبكة الكهرباء العامة.

آلية عمل أنظمة تخزين الطاقة 

يتمثّل المبدأ الرئيسي لعمل أنظمة تخزين الطاقة في حفظ الفائض من الطاقة المُتولّدة لاستخدامها لاحقاً، علماً أنّ هذه الأنظمة -وإن كانت تتشابه في مبدأ العمل- تتباين في آلية العمل المُـتعبة بحسب نوع نظام التخزين.

أشهر حلول تخزين الطاقة الخضراء

يعمل المختصّون على تطوير طرقٍ وتقنياتٍ جديدة لتخزين الطاقة الزائدة لاستخدامها عند الحاجة، وفيما يلي بعض أفضل الطرق الواعدة لتخزين الطاقة المتجدّدة:

1- تخزين الطاقة بالملح المُذاب Molten Salt Energy Storage

يعدّ خياراً موثوقاً يضمن مصدراً آمناً للطاقة، ويحقّق استقراراً  في الشبكة، مما يساعد على تعزيز قدرات الحمل الأساسي، وتوفير طاقة مضمونة بما يتماشى مع الطلب.

تُستخدم تقنية Molten salt energy storage في محطات الطاقة الشمسية المركّزة بشكل رئيسي؛  وتعتمد على مبدأ تخزين الطاقة الحرارية المتولّدة من الشمس وتخزينها لاستخدامها لاحقاً في توليد الطاقة الكهربائية.

آلية العمل:

يُستخدم الملح السائل كوسيط تخزين للطاقة الحرارية، ويُحتفَظ به في صهاريج تخزينٍ معزولة، حيث يُضخّ  عبر الألواح أو السخانات الكهربائية؛ ليتم تسخينه حتى 570 درجة مئوية قبل إرساله إلى خزان تخزين ساخن أو مولّد بخار  ينتج بخاراً شديد السخونة لتشغيل التوربين. 

2- أنظمة الضخّ والتوربينات

تٌستخدم محطات الطاقة الكهرومائية لتخزين الكهرباء عن طريق استخدام الطاقة الحركية للماء لتحريك التوربينات.

آلية العمل:

تُخزَّن الطاقة الهيدروليكية باستخدام المياه الجوفية الموجودة في الخزان العلوي عبر ضخّها كهربائياً من الخزان السفليّ خلال ذروة الطلب على الكهرباء، ليتم إنتاج طاقةٍ إضافيةٍ عن طريق إطلاق المياه المخزّنة باستخدام التوربينات، ثم نقل المياه مرّة أخرى إلى الخزّان العلويّ، عندما تقلّ الحاجة إلى الطاقة بنفس التوربينات التي تعمل كمضخّات.

كيف طبقت شركة Energy Vault هذا المبدأ في توليد الطاقة وتخزينها؟

توصّلت شركة Energy Vault إلى طريقةٍ ثوريةٍ لتَخزين الطاقة المُتَجَدِّدة، من خلال بطاريةٍ ضَخمةٍ جداً مكوّنة من كُتلٍ خراسانيةٍ مُنخفضة الكلفة، مَصفوفةٍ فوق بعضها البعض تزن كل واحدة منها 35 طناً.  ولكن ما هي آلية توليد الطاقة وتخزينها في هذه الكتل الخرسانية؟

تجمع رافعة خاصّة مُدمجة مركزياً مُزوّدة بِسِتة أذرعٍ هذه الكُتل الواحدة فوق الأخرى على شكل برجٍ؛ لتخزين الطاقة عندما وجود  فائضٍ في إنتاج الكهرباء من توربينات الرياح ومن الألواح الشمسية، وعند غياب مصادر الطاقة وازدياد الحاجة إلى الطاقة الكهربائية، تُطلق هذه الكتل وتُوجَّه نحو الأسفل بالاعتماد على قوة الجاذبية، حيث تتحوّل الطاقة الكامنة المتراكمة مرة أخرى من خلال هذه الحركة النازلة إلى طاقة كهربائيّة.

 ويتمّ التحكُّم بعملية الشحن والتفريغ في برج تخزين الطاقة من خلال برنامجٍ خاصٍ قادرٍ على تصحيح أيّ تذبذبٍ في حركة الكتل في حالة هبوب رياحٍ قويةٍ.

3- بالوناتٌ تحت الماء

توصّل مجموعة من  الباحثين الكنديين إلى حلّ مبتكر لتخزين الطاقة ضمن ما يعرف ب “مشروع هيدروستور” التخزين المائيّ، حيث بُنيت أول منشأة من البالونات المُخزّنة تحت مياه بحيرة أونتاريو بسلسلة بالونات تمتدّ تحت 55 متراً من سطح المياه، مُوصلة بشبكة الطاقة المركزية عبر خط أنابيب.

آلية العمل:

 تُحوَّل الطاقة الزائدة المتولّدة من مصادر الطاقة المتجدّدة إلى هواءٍ مضغوطٍ عن طريق تكنولوجيا “هيدروستور” الخاصة، وفي الوقت ذاته، تُخزَّن الحرارة التي تتولد من العملية كذلك من خلال المبادِلات الحراريّة. 

4- بطارية المحيط

تمثل  Ocean Battery  المطوّرة من شركة فريتس بليك نظام ضخّ هيدروليكيّ يوفّر تخزيناً صديقاً للبيئة، تعمل على جيوبٍ ضخمةٍ في قاع المحيط، تُملئ بمياه البحر بواسطة توربينة رياح.

آلية العمل:

 تعتمد آلية عمل البطارية على تقنية السدود المائية، حيث تُخزّن الطاقة عبر ضخّ النظام للمياه من الخزانات الصلبة إلى المثانة المرنة في قاع البحر، فيتم تخزينها كطاقة كامنة على شكل ماء تحت ضغط عالٍ،. ليتدفّق الماء عائداً من الجيب المرنة إلى الخزانات الصلبة منخفضة الضغط. 

تقنيات شائعة في تخزين الطاقة 

تلعب تقنيات التخزين دوراً أساسياً في أنظمة الطاقة المستقبليّة، من حيث تحسين تدفّق الكهرباء في الشبكة. تعرّف معنا في هذه السطور على أفضل أنظمة التخزين الطاقية المتمثلة في الآتي:

الحذافات Flywheel

تعمل حذافة تخزين الطاقة على تخزين الطاقة الحركية عبر تحويل الطاقة الكهربائية إلى طاقة حركية أو بالعكس؛ بهدف تخزين الطاقة الكهربائية لاستخدامها عند الحاجة إليها. يتفوّق نظام  الحذافات عن طرق التخزين التقليدية بالعمر الطويل، وأنها صديقة للبيئة. 

الهواء المضغوط Compressed Air Energy Storage

تعتمد تقنية تخزين طاقة بالهواء المضغوط على مبدأ ضغط الهواء في حُفرٍ أرضيةٍ خاصّة كتيمةٍ قدر الإمكان تمنع تسرّب الهواء، ثم استخدامه لاحقاً في تحريك توربينات تعمل على تدوير مولّد كهربائيّ لتوليد الكهرباء، 

حتى تنجح عملية التخزين وفق هذه التقنية، لا بدّ من تحديد الطبقات الأرضية المناسبة لتخزين الطاقة فيها قبل البدء بالعمل.

البطاريات الشمسية Solar Batteries

تعتمد البطاريات الشمسية Solar Batteries  على تخزين الطاقة الكهربائية التي ولدتها الألواح الشمسية في أثناء النهار لاستخدامها ليلاً أو عند الحاجة. ما يميّز هذه الطريقة في تخزين الطاقة أنها مناسبة للنظم الكهربائية المستقلّة عن الشبكة؛ لقدرتها على توليد الطاقة الكهربائية لفترة زمنية طويلة.

اقرأ أيضاً تطبيقات الطاقة الشمسية في الأردن والعالم العربي

ضخّ الطاقة المائية

يعدّ الضخّ الكهرمائيّ أكثر أشكال تخزين الطاقة شيوعاً،  حيث تضخّ التوربينات المياه إلى خزانٍ أعلى باستخدام الكهرباء الفائضة، وعند ازدياد الطلب على الكهرباء يُفتح الخزّان للسماح للمياه المُخزّنة بالتدفق عبر التوربين وتوليد الكهرباء.

اقرأ أيضاً الطاقة المائية في الأردن والوطن العربي – المشاكل والآمال

كيف يدعم تخزين الكهرباء الأهداف الخضراء؟

تتجه الدول إلى تحقيق كفاءة الطاقة، واعتماد النظم الكهربائية المستندة الى مصادر الطاقة المتجدّدة، من خلال خلق بيئةٍ مواتيةٍ عبر التركيز على تطبيق استراتيجية السياسة الخضراء. وذلك من خلال اللجوء إلى حلول تخزين الطاقة.

مع وجود مشكلة عدم الاستقرار في إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقات المتجدّدة، يساهم تطبيق التخزين للطاقة المنتَجة في دعم الانتقال إلى مستقبل أخضر من خلال:

  • تحقيق الكفاءة الطاقية، وزيادة تكامل أنظمة الطاقة المتجدّدة المتغيّرة في شبكات الكهرباء عبر تعزيز مرونة أنظمة الطاقة واستقرارها.
  • زيادة ربحيّة مصادر الطاقة المتجدّدة؛ نتيجة توفّر فائض من المصادر الطاقيّة النظيفة.
  • توفير عشرات الخدمات التي يمكن زيادتها بحسب احتياجات نظام الطاقة والشبكة ومتطلباتهما..
  • خفض الطلب على المواد الهيدروكربونية، وتحسين الاستدامة المالية.
  • تخفيض أسعار الكهرباء نتيجة تحسين كفاءة الإنتاج.
  • زيادة الإيرادات نتيجة زيادة الخدمات المُقدَّمة..

تخزين الكهرباء في الأردنّ

تتصدّر أنظمة تخزين الطاقة خطط الأردن الذي يسعى أن يكون مركزاّ للطاقة الخضراء. إذ كشف وزير الطاقة الأردنيّ عن استراتيجيات المملكة الأردنيّة نحو التحوّل إلى مركز إقليميّ للطاقة الخضراء، وفي مقدمتها مشروعات الهيدروجين وتخزين الكهرباء، من خلال التحديث الاقتصاديّ للفترة بين 2023-2033.

 يشمل التحديث العمل على الجوانب التالية:

  • تطوير خريطة طريقٍ انتقاليةٍ للطاقة المستدَامة قابلة للتنفيذ (مصادر الطاقة المتجدّدة، والهيدروكربونات، والهيدروجين)
  • تعزيز البنية التحتية للطاقة (شبكة الطاقة الذكية، معالجة التخزين، النقل، خطوط الأنابيب، وغيرها)
  • تعزيز آليات خفض تكلفة الطاقة.

وتعمل  وزارة الطاقة والثروة المعدنية في الأردن على تحقيق التحول الطاقيّ من خلال زيادة مساهمة الطاقة المتجدّدة، وتحضير البنية التحتية اللازمة لذلك بتطوير شبكات الكهرباء الوطنية، والعمل على مشروعات أنظمة تخزين الكهرباء، والتحوّل نحو الشبكات الذكية  بما يناسب الزيادة في الطاقة المتجدّدة.

الخطوات العملية للأردن في مجال تخزين الطاقة النظيفة

يعوّل الأردن كثيراً على تخزين الطاقة إلى جانب عدد من الحلول التقنية الحديثة لدعم قطاع الكهرباء مستقبلا.ً حيث أشارت الأمينة العامة لوزارة الطاقة والثروة المعدنية الأردنية عن خطط الأردن للتوسع في مجال الطاقة المتجدّدة خلال المرحلة المقبلة وأبرزها التوجه نحو إجرائين أساسيين:

  •  الشبكات الذكية.
  • التخزين.

وأكّدت على وجود دراسات شبه جاهزة لإنشاء أول مشروع لتخزين الطاقة الكهرومائية باستخدام السدود بقدرة 450 ميغاواط، على أن  يبدأ التشغيل بحلول عام 2027 أو 2028. ويسعى الأردن للتوسع في عملية التخزين بالبطاريات على مستويات مختلفة وبأحجام متنوعة عند مناطق الاستهلاك.

 ووقّعت شركة AES الأميركية وشركة الكهرباء الوطنية عام 2015 مذكرة تفاهم  لتأسيس مركز لحفظ الكهرباء المنتجة من مشاريعها للطاقة المتجدّدة، يضمّ بطاريات مخصّصة لحفظ الكهرباء بقدرة تتراوح من 20 إلى 100 ميغاواط، وكلفة تقديرية بين 15 مليون إلى 20 مليون دولار.

ختاماً، أصبح  تخزين الطاقة عنصراً أساسياً في الأنظمة الكهربائية،  إلا أنها ما زالت بحاجة إلّى القيام بإصلاحات تنظيميّة، و تبني إجراءات داعمةٍ لتمكين أنظمة الطاقة المتجدّدة من الاندماج في شبكات الكهرباء العامة بما يسهم في تحقيق أهداف السياسات الخضراء.

This website uses cookies and asks your personal data to enhance your browsing experience. We are committed to protecting your privacy and ensuring your data is handled in compliance with the General Data Protection Regulation (GDPR).