يشهد تحول الأردن إلى الطاقات النظيفة عدداً من العوائق والتحديات أمام مصادر الطاقات المتجددة التي تجعل من توجّهها إلى التحول الطاقي أمراً ليس سهلاً، ويستدعي اتخاذ الإجراءات ووضع الخطط والاستراتيجيات لمعالجة هذه التحديات.
بدأت الأردن خطواتها الأولى في الاستثمار بالطاقة الخضراء منذ عام 2012 بمصادقتها على قانون الطاقة المتجددة وكفاءة استخدام الطاقة لتصبح أول بلد في المنطقة العربية يضع إطاراً تنظيمياً لقطاع الطاقات المتجددة. ثم صُنّف الأردن كثالث البلدان النامية الجاذبة للاستثمارات في مجال الطاقات المتجددة في عام 2018 حسب مؤشر بلومبرج كليماتسكوب.
نناقش في هذا المقال أهم التحديات أمام مصادر الطاقات المتجددة التي تواجه المملكة الأردنية في مساعيها إلى تحقيق الاكتفاء والاستقلال الطاقي، والمساهمة الفعالة في الحد من التغيرات المناخية الناتجة عن استهلاك الوقود الأحفو7ري.
المعوقات أمام مصادر الطاقات المتجددة في الأردن
حتى عام 2020، جاء الأردن في المرتبة 82 عالمياً من حيث الكفاءة في نظام التحول للطاقات المتجددة حسب مؤشر انتقال الطاقة الذي يقيس الأداء الطاقي للدولة واستعدادها للانتقال إلى نظام طاقي مستدام وآمن وفق 40 مؤشر للقياس.
اقرأ أيضاً الطاقة النظيفة في الأردن والعالم العربي – تطبيقاتها ومستقبلها (2022)
من ناحية أخرى، مع تحول المملكة الطاقات المتجددة وتركيزها على جذب المستثمرين للاستثمار في هذا المجال، أغفلت العديد من العوامل الأساسية للنجاح والتي تحولت إلى تحديات وعقبات تحتاج إلى الحل.
نلخّص في هذه الفقرة أهم التحديات التي تعيق تقدم المملكة في مجال إنتاج الطاقة من مصادر الطاقات المتجددة:
العوامل المناخية والتذبذب في كميات الإنتاج من الطاقات النظيفة
يمتلك الأردن إمكانيةً هائلةً في نوعين رئيسيين من مصادر الطاقة المتجددة متمثلة بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح نتيجة موقعها الجغرافي داخل منطقة الحزام الشمسي الذي يعني توافر الإشعاع الشمسي فترات طويلة من العام 320 يوم في السنة إضافة إلى مناطق تهب عليها رياح بسرعات كافية لتوليد الطاقة.
اقرأ أيضاً تطبيقات الطاقة الشمسية في الأردن والعالم العربي
لكن يبقى من الصعب التحكُّم بالمصادر الطبيعية وغزارتها؛ مسبباً في تذبذب كميات الإنتاج الطاقية من المصادر المتجددة. لذلك، انشأت الأردن أول مركز لحفظ الكهرباء في الأردن على على مستوى المنطقة عبر استخدام بطاريات متخصصة بقدرة عمل تتراوح بين 20 -100 ميغاواط وكلفة تقديربة بين 15-20 مليون مليار دولار بهدف إعادة استخدام الطاقة في المنظومة الكهربائية للشبكة لتعويض التذبذب في ناتج الطاقة المولد من المصادر المتجددة.
التكلفة المرتفعة لمشاريع الطاقات المتجددة
تواجه الحكومة الأردنية تحدياً في تخفيض تعرفة الكهرباء الخضراء نتيجة التكلفة الأولية المرتفعة للمشاريع الحرارية ومحطات الطاقة المتجددة؛ يضعف هذا التحدي من قدرة الأردن التنافسية في قطاع الطاقات المتجددة على المستويين الإقليمي والعالمي.
الاعتماد الأساسي على الوقود الأحفوري في قطاع الطاقة المحلي
تعد الأردن من أول الدول العربية استيراداً للطاقة، وتُصنف كدولة مستوردة للوقود الأحفوري بحجم واردات من النفط والوقود الأحفوري يصل حوالي 90% من حجم استهلاكها الطاقي.
في عام 2019، وصلت الحمولة القصوى للمنظومة الكهربائية في الأردن 5728 ميغا واط مقارنةً ب 5347 ميغا واط في عام 2018 بمعدل زيادة 8.5%. ومن المتوقع أن يزيد الطلب على الطاقة في الأردن بصورة متواصلة تصل إلى 3% بحلول 2040
اقرأ أيضاً الوقود الأحفوري-بدائله وكيفية الاستغناء عنه 2022
هذا الارتفاع في معدل الحمولة الكهربائية سنويا يزيد من صعوبة تأقلم المنظومات الكهربائية معه، ويتحول إلى تحدي حقيقي أمام الأردن مع سعيها إلى توليد الكهرباء من مصادر الطاقات المتجددة التي وصل حجم توليد الكهرباء منها حتى عام 2019 ما يقارب 1470 ميغا واط ما يعادل 20% من الإنتاج الطاقي المنظومة الكهربائية. يعني ذلك الحاجة إلى زيادة سعة شبكات الكهرباء وتحسين كفاءتها لتكون قادرة على استيعاب الكهرباء النظيفة المتولدة.
العوائق المؤسساتية والفنية والهيكلية
أتمت الأردن حتى عام 2020 عددا من الإنجازات في قطاع الطاقات المتجددة مثل توقيع مذكرات تفاهم مع شركة أزيليو السويدية حول تنفيذ مشروع تخزين الطاقة الكهربائية بقدرة 25 ميجاوات حتى 2023، وأيضا ًتقديم التسهيلات للمواطنين لتركيب أنظمة الطاقة الشمسية المنزلية، وتوفير بيئة تشريعية وتنظيمية مشجعة للاستثمار إلى حد ما.
في المقابل، حتى عام 2019 كانت الحكومة الأردنية تفرض رسوم وضرائب على مشاريع الطاقة الشمسية مبررة ذلك بأن الطاقة الكهربائية المتولدة عنها تخزن في الشبكة الكهربائية نهاراً ليتم استهلاك المواطنين لها ليلاً.
في السياق ذاته، تواجه الشركات العاملة في قطاع الطاقات المتجددة صعوبات كبيرة في الحصول على موافقات تركيب أنظمة الطاقة المتجددة، والأهم من ذلك التحديات الفنية المتعلقة بقدرة المنظومة الكهربائية على استيعاب الكميات الكبيرة من الطاقة الكهربائية المتولدة من مصادر الطاقات المتجددة حيث أن هذه الزيادة تستدعي تحويل الشبكات الكهربائية إلى شبكات ذكية.
على المستوى الهيكلية الإدارية، ما تزال الأردن تعاني من ضعف التنسيق في سياسة الطاقة، وتطبق أيضاً نموذج المشتري الواحد في سوق الكهرباء حيث أن شركة الكهرباء الوطنية هي الجهة الوحيدة المخولة لشراء جميع الكهرباء المنتجة في جميع أنحاء المملكة.
مقترحات ونصائح من أجل الوصول إلى الكفاية الطاقية والتحول إلى مصادر الطاقات النظيفة ودعم الاستثمار في الطاقات المتجددة
تقدم شركة إيكوفيس Ecofysالرائدة في مجال الطاقة عددا من المقترحات لتحقيق الكفاءة الذاتية من الطاقات المتجددة نلخصها في النقاط التالية:
- تطبيق معايير صارمة لكفاءة الطاقة بالنسبة المباني الجديدة.
- تطبيق معيار الحد الأدنى من كفاءة الطاقة في جميع جوانب الاستهلاك الطاقي.
- ضم سعر الانبعاثات الكربونية إلى الضريبة المفروضة على الطاقة.
- زيادة الوعي بالاستهلاك الطاقي وطرق ترشيده.
ختاماً، تؤمن الأردن بضرورة ظهور التحديات في خطواتها الجادة نحو التحول الطاقي إلى الطاقة الخضراء، وتعتبرها مؤشراً إيجابياً على صواب ما تتخذه من إجراءات في هذا الجانب، موليةً أهميةً كبيرةً على معالجة هذه الصعوبات للوصول إلى هدفها بالصورة الأمثل. برأيك، أي من التحديات هو الأهم أمام التحول الطاقي إلى الطاقات المتجددة ويعد حجر الأساس والنواة التي يجب على البلدان معالجته قبل اتخاذ هذا التوجه؟